responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 34
[سورة الصافات (37) : الآيات 139 الى 148]
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (148)
قَدْ تَقَدَّمَتْ قصة يونس عليه الصلاة والسلام فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» [1] وَنَسَبَهُ إِلَى أُمِّهِ وفي رواية إلى أبيه. وقوله تعالى: إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
قَالَ ابْنُ عباس رضي الله عنهما هُوَ الْمُوَقَّرُ أَيِ الْمَمْلُوءُ بِالْأَمْتِعَةِ.
فَساهَمَ
أَيْ قَارَعَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
أَيِ الْمَغْلُوبِينَ، وَذَلِكَ أَنَّ السَّفِينَةَ تَلَعَّبَتْ بِهَا الْأَمْوَاجُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَأَشْرَفُوا عَلَى الْغَرَقِ فَسَاهَمُوا عَلَى مَنْ تَقَعُ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ يُلْقَى فِي الْبَحْرِ لِتَخِفَّ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُمْ يَضِنُّونَ بِهِ أَنْ يُلْقَى مِنْ بَيْنِهِمْ فَتَجَرَّدَ مِنْ ثِيَابِهِ لِيُلْقِيَ نَفْسَهُ وَهُمْ يَأْبَوْنَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى حُوتًا مِنَ الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ أَنْ يَشُقَّ الْبِحَارَ وَأَنْ يَلْتَقِمَ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَا يُهَشِّمَ لَهُ لَحْمًا وَلَا يَكْسِرَ لَهُ عَظْمًا فَجَاءَ ذَلِكَ الْحُوتُ وَأَلْقَى يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَفْسَهُ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَذَهَبَ بِهِ فَطَافَ بِهِ الْبِحَارَ كُلَّهَا. وَلَمَّا اسْتَقَرَّ يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ حَسَبَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ وَرَجْلَيْهِ وَأَطْرَافَهُ فَإِذَا هُوَ حَيٌّ فَقَامَ يُصَلِّي فِي بَطْنِ الْحُوتِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ دُعَائِهِ يَا رَبِّ اتَّخَذْتُ لَكَ مَسْجِدًا فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا لَبِثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَهُ قتادة. وقيل سبعة قاله جعفر الصادق رضي الله عنه، وَقِيلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَهُ أَبُو مَالِكٍ. وَقَالَ مجاهد عن الشعبي: التقمه ضحى ولفظه عشية، والله تعالى أَعْلَمُ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ، وَفِي شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أبي الصلت: [الطويل]
وَأنْتَ بِفَضْلٍ منْكَ نَجَّيْتَ يُونُسَا ... وَقَدْ بَاتَ في أضعاف حوت لياليا «2»
وقوله تَعَالَى: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قِيلَ لَوْلَا مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الرَّخَاءِ قَالَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وقد ورد في الحديث الذي سنورده إن شاء الله تعالى مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، وفي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ «تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يعرفك في الشدة» . وقال

[1] أخرجه البخاري في الأنبياء باب 24، 35، وتفسير سورة 4 باب 6، وسورة 6 باب 4، والتوحيد باب 50، وأبو داود في السنة باب 13، والترمذي في الصلاة باب 20.
(2) البيت في السيرة النبوية لابن هشام 1/ 228.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست